Wikipedia

نتائج البحث

الخميس، 16 نوفمبر 2017

إشكالية الديموقراطية في الجزائر

إن المعضلة الجزائرية الراهنة هي تعبير عن مغامرة الشعب والمجتمع نحو بناء مؤسسات الدولة الجزائرية المستقلة. فقد سبق لهذا الشعب وقيادته أن جازف بمصيره في ثورة تحريرية كبرى عام 1954 وانتهت إلى الاستقلال، ثم لم يلبث أن دخل في معركة بناء أجهزة الحكم والتسيير لمرافق الدولة على أساس من الديمقراطية.. لكن التجربة باءت إلى حد الآن بالإخفاق، ولا يمكن الاطمئنان إلى أوهام السلطة الحالية التي توحي بالحياة العادية أو في أكثر تقدير تعترف بالأزمة وتقيد الجهة المسؤولة عليها بصيغة المبني للمجهول.
إن تقييم التجربة السياسية الجزائرية -سلطة وأحزابا- نعتمد فيه على التجربة كلها، أي إدراج سنوات الأزمة كلها كتجربة تاريخية تتقاسم كل الأطراف فيها المسؤولية، لأنها من صنع الجميع ولم تعد من صنع السلطة فقط، إذ الديمقراطية جاءت بها أحداث الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول 1988 ذاته، ومن ثم فإن إشكالية الديمقراطية لا تعني السلطة فقط بل الأحزاب والقوى الاجتماعية والتنظيمات الشعبية أيضا، علاوة على فساد سلوك الأفراد في حياتهم اليومية والعامة، كما أبدوا تقصيرا فاضحا في الحفاظ على الأموال العامة وقدرا كبيرا من هدر إمكانيات المجتمع والدولة.
وهكذا فإن تحليل مسألة الديمقراطية والأحزاب السياسية في الجزائر تنتهي في نهاية المطاف إلى توكيد الصلة بين السلطة والأحزاب، وإن هذه الأخيرة لا يمكن دراستها دراسة تاريخية مستقلة لأنها لا تتمتع بتاريخها الخاص، إنما اعتمدت في البداية والسياق والنهاية على مقتضيات السلطة وشروطها وحاجاتها.. ولعل مكمن الإفلاس الديمقراطي في الجزائر أن الساحة السياسية لم تتشكل منذ البداية بمجالها الثقافي كشرط لازم لأي ممارسة للشأن العام. وكل ما حدث هو افتراض التعددية في الهوامش والأطراف مع بناء السلطة الفعلية في المركز النواة.
فقد انطوت الأحزاب السياسية على قصور واضح لم تتعرف عليه منذ البداية لأنها كانت عاجزة عن إدراكه ثقافيا، كما لم تكن بيدها الوسائل الشرعية للفعل السياسي. وانتهت تجربة الأحزاب السياسية إلى أنها تجارب غير مكتفية بذاتها ولا يمكن بالتالي كتابة تاريخها الخاص كرافد يصب في تاريخ الفكر السياسي الجزائري المعاصر. فإذا كانت معظم الأحزاب من إنشاء السلطة، فإن الباقي –عدا حزب القوى الاشتراكية– ساهم بقصوره في تأييد نظام الحكم وبالتالي تفويت فرصة الوصول إلى الديمقراطية عبر وصول المعارضة الحقيقية إلى السلطة، الضامن الحقيقي لبداية المسار الديمقراطي السليم وبداية عدّها التصاعدي الذي يرسخ رصيدها التاريخي ويعزز مستقبلها.
وتوكيدا لما سبق، نرى أن الديمقراطية طلبها الجميع وأخفق فيها الجميع أيضا، ومن هنا مكمن المأزق الذي آلت إليه الأوضاع، ونبهت الجميع إلى ضعف ثقافة الدولة وهشاشة الوعي السياسي في مسألة خطيرة وهي زرع الديمقراطية كأسلوب للحكم وإدارة المجتمع. فقد توسلت المعارضة الإسلامية الأسلوب الديمقراطي للوصول إلى الحكم، والتمست السلطة أيضا أسلوب الديمقراطية لصد المعارضة عن الوصول إلى الحكم.
بقلم : ثنيو
لمتابعة القرائة اضغط على الرابط المباشر http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/3a09df28-0aa2-4bed-aa70-3f3d6dbfbdb1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق